علم الأرقام والأعداد .... تاريخ وماهية علم الأرقام ...
في البدء كان الفراغ والعدم ، لكن الفراغ ما كان يوماً أبدياً ، لأن سر الخلود لا يكمن في ما قبل الصفر ، بل في الصفر ، والفراغ كان صفراً ، والصفر قابل لتلقي الأرقام ... كما الرحم قابل لتلقي بذرة الحياة
الفراغ كان رحم الوجود ، وهو الصفر ، وجاء رب الوجود المطلق وألقى في رحم الفراغ بذرة الحياة ، فكان الإله هو الوحدة المطلقة التي تلاها الصفر ، أما بذرة الحياة فقد كانت الازدواجية ... اي الرقم 2 ، لكن حين انبثق الكائن الجديد من رحم الفضاء ... تثلث الوجود ( رب الوجود ـ بذرة الحياة ـ الكائن الانساني ) وهكذا صار الرقم 3 بدء الخلق وبداية انطلاقة الخليقة
الصفر هو الذي يستوعب البداية ، لأن الرقم 1 هو البداية ، فلولا وجود الصفر لما كان الواحد ولما كانت الانطلاقة ، ولو لم يوجد الرحم من الفراغ لما كان ليوجد الكون وينبثق الانسان ، الصفر هو التأهب للانطلاق بينما الواحد هو الانطلاق نفسه ، ولكي تكون الانطلاقة سليمة متزنة ، كان لا بد للواحد أن ينطلق على أساس الثالوث ، وهكذا كان وصار نظام كل وجود يرتكز على الثالوث المقدس
هذا النظام يطبق في كافة الأعمال وفي شتى الميادين ، فإن أراد شخص ما القيام بعمل ما ، فإنه يفكر في ضرورة القيام بهذا العمل أولاً ثم يخطط ويصمم لهذا العمل ثانياً ، ثم يبداً بالتنفيذ ثالثاً ، ( التفكير ـ التصميم للعمل ـ المباشرة ) فكل عمل ينفذ من خلال قاعدة الرقم 3 ، وبما أن الكون والخليقة وجدا على مبدا هذا الرقم ، كان لا بد لكل مخلوق أن يحمل من مكونات الخالق ، ويحوي من صفات الخلق ، من هنا أصبح مبدأ الرقم 3 قانوناً يطبق في كل عملية خلق يقوم بعملها موجدها
الخلق في العرف الباطني هو إيجاد شيء لم يكون ، وهذا الايجاد يتم عبر تجميع معطيات موجودة بشكل جديد ، فالخالق كان موجوداً وفكرة الخلق والابداع والمقدرة والارادة والفراغ وبذرة الحياة ... الخ هي الثلاثة التي كونت الثالوث ، اجتمعت فيما بينها باساليب جديدة وعديدة ، معطية أرقاماً جديدة ونظاماً جديداً
اتحدت الأقانيم زوجاً زوجاً مع بعضها البعض ثم اجتمعت الركائز الثلاث معاً فظهر للثالوث سبعة أساليب لوجوده ، وانبثق النظام الجديد الذي على أساسه سيستمر الوجود بأكمله ، وهو نظام الرقم 7 أي نظامنا الشمسي هذا ، وبقي الرقم 7 هو الأساس والنظام الذي بموجبه نشأ الكون ووجد الانسان وكان كل مخلوق
العدد الكامل هو 9 ، ولكي لا تفقد الأرقام كمالها ، كان أن أضيف عنصران لمكونات الانسان الباطنية ، هذان العنصران هما إثنان من مكونات الروح ، فصار على الانسان بعد ان يتوصل الى الاكتمال ( رقم7) أن يتابع سيره نحو الكمال ( الرقم 9 ) ، وعندها تنتهي مسيرة تقدمه ، فيعود إلى الصفر ويندمج به ، حيث ينطلق إلى مرحلة جديدة ونظام تطوري أسمى دون أن يتخلى عن الصفر ، بل سيحتويه دوماً ليكتمل كلياً به وبخبراته إلى أن ينتهي الوجود للصفر عند اندماج الانسان بقلب واحد ـ بداية الانظلاقة الجديدة
عملية الخلق تلك تجسدت في وعي الانسان ورسمت رموزها على صفحات باطنه ، فسجلت جميع الأرقام التي مر بها الخلق على رقائق وعيه ، وظهرت في كيانه ، فالكيان البشري يحوي كل الأرقام التي جعلت من الفراغ عالماً ، وهذه الأرقام ستقوم بنفس العمل الذي قامت به أثناء عملية الخلق ، فعملية الخلق هي عملية ابتكار من خلال تجميع المعطيات بأساليب مختلفة خلاقة عديدة ، لكن ذلك لا يتم إلا بوجود الشخص المبتكر أو الخالق ، أي تواجد الواحد ، وكذلك الصفر ، وعندما يتواجد الواحد لا بد أن تليه باقي الأرقام ، فلا وجود لأي رقم دون الواحد ، لكن الواحد يمكن أن يتواجد دون الصفر ، أما عملية الخلق أو البداية فهي لا تتم بدون الصفر ، فالواحد موجود دائماً في كل زمان ومكان ، موجود بالقوة ، لكنه وجود مطلق غير واع لأنه واحد أحد ، أما إذا أراد أن يعي وجوده ، أي أن يتواجد بالفعل في عدة كيانات ، فوجود الصفر ضروري كي ينطلق الواحد إلى الأبعد ... فتنبثق بقية الأرقام من الواحد ، وهكذا يتواجد في كافة الأرقام ، وعندها يعي الرقم واحد وجوده ويكتمل في بقية الأرقام وتكتمل الأرقام به ...
أما المصير النهائي ، فهو عودة الأرقام كافة الى الواحد الذي انبثقت عنه ، ثم عودة الواحد مع الصفر الى نظام آخر ، وذلك حتى لا يبقى الصفر مقراً لانطلاقة أخرى في زمن لاحق ، لأنه حين يزول الصفر ويتلاشى فان كل تمدد يتوقف
لنأخذ مثالاً : عندما تبدا بالعد من الرقم 1 وتصل للرقم 9 او 19 كنهاية الدورة الرقمية فانك تحتاج الى الصفر لتكمل به الدورة العددية وتباشر بدورة جديدة ، هذا هو المقصود مما سبق ذكره ، حين يعود الكل إلى الواحد سيعود الواحد أو الرب الخالق مع الصفر مقر البدايات أو الفراغ الى نظام أسمى حتى لا يبقى الصفر مقراً لواحد آخر ، هذا ما تكشفه العلوم الباطنية وتقول أن لكل نظام كوني صفره الخاص به ومقر انطلاقته المحددة ، أما السبب فهو كامن في الحكمة الإلهية
القوة والارادة والبداية تكمن في الرقم 1 ، بينما السر والانطلاقة والخلق يكمن في الصفر ، وهذه القاعدة تنطبق على كل شيء ، فالصفر يبقى قابلاً لأي انطلاقة في أي وقت وزمن مهما تأخرت بداية الواحد ، فمثلاً حين يفكر عالم ما باختراع شيء فان الفكرة هي مبداً الصفر وتبقى الفكرة مسجلة في الذاكرة الباطنية قابلة للتجسيد مهما تأخر تنفيذ العمل ، لأن الفكرة لا تفنى وتبقى في سجل الوعي الباطني ، وإذا خرجت منه لسبب ما فانها تستقر في الذاكرة الكونية حيث الأفكار تتجمع وتحفظ هناك إلى أن يأتي أوان تنفيذها ، وإذا لم تنفذ من الشخص نفسه صاحب الفكرة ، فإنها ستنفذ عبر شخص آخر قد يتلقى او يستهلم الفكرة ذاتها من الذاكرة الكونية
الأفكار لا تفنى نهائياً إلا حين تنفذ أو تتجسد حيث تبقى في ذاكرة الكون وفي الذاكرة الباطنية للانسان ، الصفر ينطلق من نصميم الواحد ، لأن الواحد هو الذي يخلق الصفر وليس الصفر ما يوجد الواحد ، وبالرغم من أن البداية تخطط من الصفر إلا أن الانطلاق لا تبداً إلا من الواحد ، فحين يبدأ المرء العد ، يبدأ من الواحد لا من الصفر مدركاً في قرارة نفسه أن الصفر موجود قبل الواحد ، والسبب أن الواحد هو مصدر الصفر وليس العكس
لماذا أوجد الواحد الصفر ومن ثم استهل المسيرة عبر الأعداد بدلاً من أن يوجد الرقم 2 متابعاً تقدمه في الأرقام ؟؟ الجواب هو بديهي ، فهل يمكن للأب أن ينجب إبناً أكبر منه ؟؟ طبعاً لا .. ينجبه أصغر منه ثم يساعده على النمو
هذا الواقع ينطبق على الأرقام أيضاً ، فالواحد لا يمكن أن يوجد أكبر منه ، لذلك أوجد الرقم الوحيد الأصغر منه وهو الصفر أو اللاشيء ، وعندها تشكلت مسلسلة الأرقام ، فكل رقم يكبر الرقم 1 هو موجود في الرقم 1 بالقوة ، لا يستطيع الخروج منه إلى الفعل بالوجود إلا إذا استطاع هذا الواحد أن يخلق ، ولكي يخلق يجب أولاً أن يخلق عدداً أصغر منه وهو الصفر ، بعدها تتكامل عملية الخلق وتتوالى بقية الأرقام
هذا النظام ينطبع أيضاَ على ازدواجية الرجل والمرأة ، فالرجل والمرأة كانا كياناً واحداً ، إلى أن أوحي للرجل أن يعي قدراته الكامنة ، فكان أن أخرج هذه القدرات من القوة الى الفعل ، وليتمم ذلك وجب عليه أن يطلق الصفر ذاته ، أي سر انطلاقه أو الصفات السالبة في كيانه ، فكانت المرأة ، وحين تتحد الصفات السالبة مع الصفات الموجبة ، يولد نوع من الانسجام والتناغم يؤدي إلى اكتمال الرجل والمرأة معاً في كيان واحد جديد مكتمل ، هو الإبن ، تجسيد الثالوث
السر كامن دوماً بين الواحد والصفر ، بين الصفر والواحد ، فمن علاقة هذين الرقمين ينبثق الخلق والوجود والحياة ، فكل شيء كامن في أعماق الانسان ، وما على الانسان إلا وعي ذاته حتى يهون تفسير الغموض ، فتنجلي شتى الأسرار وتتضح العلوم والمعارف كافة !!!
الجزء الثالث يتبع...
الجزء الثالث يتبع...