بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
ما الحكمة من ذكر الله تعالى في سورة الملك الموت قبل الحياة
ما الحكمة من ذكر الله تعالى في سورة الملك للموت قبل الحياة في قوله تعالى :
" الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم ..أيكم احسن عملاوهو العزيز الغفور
مع أن الحياة تكون قبل الموت ؟
فما الحكمة من ذلك ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد :
قيل: الموت والحياة عبارة عن الدنيا والآخرة، سمى الدنيا موتاً لأن فيها الموت،
وسمى تلك حياة لأنها لا موت فيها.وقيل الموت:
العدم السابق على كل حادث، كما يقال للشيء الدارس والمعدوم ميتا،
لأن الموت والحياة معنيان يتعاقبان على الأجسام، فإذا وجد أحدهما فقد الآخر،
وعلى هذا فيكون الموت هو العدم السابق لوجود الإنسان، مثل قوله تعالى :
كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتاً فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ [البقرة:28].
أي كنتم معدومين قبل أن تخلقوا، دارسين قبل أن توجدوا، فأحياكم أي خلقكم
أننا عندما نتدبر الآية الكريمة نجد سياقها للحث على المزيد من العمل الأحسن .
فليس المقصود أن يعمل العبد : العمل الصالح وفقط ؛ وإنما المقصود :
( العمل الأحسن ) والأحسن عملا
- هو العمل الذي يراقب العبد فيه ربه عز وجل ،
ويكون عملا خالصا لله سبحانه وتعالى لا تشوبه شائبة رياء ،
ولا شائبة غرور ،
ولا إعجاب بالنفس ؛
فهذا - هو :
( الأحسن عملا ) .
وذكْر الموت أوّلا يعين العبد على نفسه حتى يكون من ( الأحسن عملا ) دائما ؛
لأن تذكيرها بالموت يجعلها على استعداد دائم .
ومَن يتتبّع أسلوب القرآن في ذلك : يجد الحق جل وعلا يذْكر دائما :
أنّ مما يعين النفس على المزيد من الطاعة والإخلاص :
تذكيرها بالموت وبالبعث وبالحساب .
ومن ذلك قول الله تعالى ، بعد أن أقسم بالنفس اللوامة ؛
قال عزو جل :
( أيحسب الإنسان أن لن نجمع عظامه ).
وفي ذلك إشارة إلى أنّ مَن أراد أن يعالج نفسه من البعد عن طاعة الله عز وجل ،
أو التقصير في الطاعة ، فليذكّرْها بالموت .
والآيات الدالة على ذلك كثيرة .
والله تبارك وتعالى يختم الآية بقوله عز وجل :
( وهو العزيز الغفور ) .
العزيز ؛ أي : الغالب القاهر القادر ؛ فهو ليس في حاجة لعملك الأحسن ،
ولا خلافه ؛ حتى لا يتوهم البعض ذلك .
والغفور : إشارة إلى رحمته الواسعة ؛ حتى إذا ما قصّر العبد لحظة في عمله ولم يستطع الوصول
( للأحسن ) ؛
فلا ييأس ، ولا يقنط من رحمة الله ؛
فربك غفور ، لكن لا بد من العودة لربك وتجويد عملك ؛ حتى تصل لدرجة
( الأحسن عملا ) .
ونتعلم من هذا الأسلوب : أن الإنسان في دعوته عليه أن يتخير ما يكون له التأثير الأكبر فيمن يدعوه ،
وفي تربيته ؛ حتى يكون لدعوته الأثر الأكبر في التأثير في غيره .
والله أعلم .