إن تحسرالانسان على الماضي وسخطه على الحاضر، وخوفه من المستقبل يفقده سكينة نفسه و أمنها ورضاها.
إن الانسان عندما تنـزل به مصائب الدهر، فيظل فيها شهوراً وأعواماً،يجتر آلامها ويستعيد ذكرياتها القاتمة، متحسراً تارة، متمنياً أخرىليت شعري، وأين مني "ليت"؟
و بين علم النفس ضرورة أن ينسى الإنسان آلام أمسه، ويعيش في واقع يومه، فإن الماضي بعد أنولى لا يعود, ما مضى فات.ولكن الضعف الإنساني يغلب على الكثيرين، فيجعلهم يطحنون المطحون ويبكون علىأمس الذاهب، ويعضون على أيديهم أسفاً على ما فات، ويقلبون أكفهم حسرة علىما مضى.
وأبعد الناس عن الاستسلام لمثل هذه المشاعر الأليمة، والأفكار الداجية هوالمؤمن الذي قوي يقينه بربه، وآمن بقضائه وقدره، فلا يسلم نفسه فريسة للماضي وأحداثه، بل يعتقد أنه أمر قضاه الله كان لابد أن ينفذ، وما أصابه من قضاء الله لا يقابل بغير الرضى والتسليم، ثم يقول ما قال الشاعر:
سبقت مقادير الإله وحكمه فأرح فؤادك من "لعل" ومن "لو"
وقول الآخر: ولست براجع ما فات مني
بلهف ولا بليت ولا لو أني
إنه لا يقول: لو أني فعلت كذا لكان كذا، ولكن يقول: قدر الله وما شاء فعل،فإن "لو" تفتح عمل الشيطان (رواه مسلم) كما علمه الرسول صلى الله عليه وسلم.
إنه يوقن أن قدر الله نافذ لا محالة، فلم السخط؟ ولم الضيق والتبرم؟ والله تعالى يقول: (ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبلأن نبرأها، إن ذلك على الله يسير * لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوابما آتاكم، والله لا يحب كل مختال فخور) (الحديد: 22، 23).
إن شعار المؤمن دائماً: "قدر الله وما شاء فعل .. الحمد لله على كل حال" وبهذا لا يأسى على ما فات، ولا يحيا في خضم أليم من الذكريات، وحسبه أن يتلوا قوله تعالى: (ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله، ومن يؤمن بالله يهدقلبه، والله بكل شيء عليم) (التغابن: 11)