معنى التحريف في معاجم اللغة :
1- لسان العرب: "وتحريف الكَلِم عن مواضعِه: تغييرُه".
"والتحريف في القرآن والكَلِمة: تغييرُ الحرْف عن معناه، والكلمة عن معناها"[40].
2- القاموس المحيط: "حرَّف الشيءَ عن وجهِه: صرَفه"[41].
3- مختار الصِّحاح: "وتحريف الكلام عن مواضِعِه: تغييره"[42].
4- المعجَم الوسيط: "حرَّف[43] الكلام: غيَّرَه وصرَفه عن معانِيه"[44].
5- المفردات: "وتحريف الشيء: إمالته، وتحريف الكلام: أن يجعلَه على حرْف مِن الاحتمال يمكن حملُه على الوجهين"[45].
6- الأفعال: "وحرَفْتُ (بالتخفيف) الكلامَ والشيءَ حَرْفًا: حوَّلْتُه عن وجهِه، والتشديد أعمُّ"[46].
فلو نظرْنا في قولهم: "تغييرُ الحرْف عن معناه" و"صَرْفه" نجد أنَّ: التحريف تغييرٌ في معنى الكلمة.
ولو نظَرْنا في قولِهم :
"يجعله على حَرْف مِن الاحتمال يمكن حملُه على الوجَهَيْن"
نجد أنَّ : التحريف نوعٌ مِن التلبيس، وذلك يكون بأحدِ أمرين :
الأول: عدم ضَبْط الحروفِ بالحَرَكات، فيؤدِّي إلى الاحتمال في النُّطق، وكذلك المعنى.
الثاني : بتأويلِ الكلام على غيرِ وجْهِه.
وهذا الثاني غيرُ مرادٍ هنا.
إنَّما هو المراد مِن التحريف المذكور في القرآن في مِثل قوله - تعالى -: (يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ)[المائدة: 13][47].
فـ"التحريف لغة: تغييرُ المعنى".
التحريف اصطلاحا ً:
يقول الجرجاني[48]: "التحريفُ تغييرُ اللفْظ دون المعنى"[49].
الظاهِر أنَّه يقصِد المعنى العام، بمعنى أنه يُمكِن أن تُغيِّر كلمة من النص بأخرى مرادفةٍ لها دون أن يَتغيَّر معنى السياق.
قلت: وهذا لا يكون إلا عَمْدًا، وهو مذمومٌ إذا وقَع في كلام الغَيْر أيًّا كان.
ويقول الحافظُ - رحمه الله تعالى -: "وإن كان[50] بالنِّسبةِ إلى الشَّكْل[51] فـ(المحرَّف)"[52].
ويقول الدكتور رمضان عبدالتوَّاب - رحمه الله تعالى -: "التحريف هو: تغييرٌ في شكل الحروف المتشابهةِ في الرسم"[53].
وذَكَر قبله أنَّ هذا ما استقرَّ عليه الرأيُ عندَ جمهرة العلماء في العصر الحاضر، ويُحيل على كتاب "مدخل إلى تاريخ نشر التراث العربي" (286-287).
فإذا رجعْنا إلى الموطنِ الذي أحالنا عليه الدكتورُ رمضان لا نجِد التعريفَ الذي ذَكَره، بل لا نجده في أيِّ مكان من الفصل الذي استغرق الصفحات (285-316)، بل نجد الدكتور الطناحي - رحمه الله تعالى - يقول: "التحريف هو العُدولُ بالشيءِ عن جِهته"[54] ويَذكُر الآيات[55]، ثم يقول مفسِّرًا: "والتحريف قد يكون بالزِّيادةِ في الكلام، أو النَّقْص منه، وقدْ يكون بتبديلِ بعضِ كَلماته، وقد يكون بحَمْلِه على غيرِ المراد منه"[56].
قلت: وقول الدكتور الطناحي - رحمه الله - "التحريفُ هو العدولُ بالشيءِ عن جِهته" وإنْ كان تعريفًا لُغويًّا، ولكنَّه أقربُ التعريفات لأنْ يكونَ جامعًا مانعًا.
ولذا؛ فإنِّي أختاره في كتابي هذا، ولكنِّي أُضيف إليه كلماتٍ قليلةً حتى يكون جامعًا مانعًا، فأقول:
التحريف: العدول بالشيءِ عن جِهتِه بأيِّ شكلٍ كان.
معنى هذا الحَدِّ: أنَّ كلَّ تغيير في الكلام ولو باستبدالِ كلمةٍ بأخرى مرادفةٍ لها، فهو تحريف.
وعلى هذا؛ فالتحريف أعم من التصحيف[57].
وإن شئتَ فقل: إنَّ التصحيف نوعٌ مِن التحريف.
قلت: ولكنَّا نُخصِّصه كما خَصَّه علماؤنا القدامى - رحمهم الله تعالى - والمُحْدَثون - حفظهم الله - تعالى -.
فإذا قلنا بذلك، فـ"التصحيف: تغييرُ نفْس حروفِ الكلمةِ بالتقديم والتأخير سواء كان للكِلمةِ الجديدة معنًى أم لا".
هذا ما اصطلحتُ عليه في كتابي هذا، وقد اتَّفق أهلُ العلم على أنه لا مُشاحةَ في الاصطلاح[58].
تنبيه أول: وقد التزمتُ تقديم كلمة "التصحيف" قبلَ كلمة "التحريف" كما درَج على ذلك علماؤنا.
تنبيه ثانٍ: كذلك فإنَّهم يُطلقون "التصحيف"، ويقصدون "التصحيف والتحريف معًا" كما سنرَى في المبحث التالي.
[1] عندما تؤدِّي الكلمة بعدَ التصحيف أو التحريف معنًى لا يتَّفق مع السِّياق، أو يُستبعد مِن قائله.
[2] عندما تكون الكلمة بعدَ التصحيف أو التحريف لا معنى لها.
[3] انظر: "تدريب الراوي" (2/68).
[4] أي: عَلَّله، أو: بيَّن سببَ شِدَّةِ هذا النوع من التصحيف.
[5] كما في تصريفات الأفعال.
[6] في الأغلب.
[7] انظر: "نزهة النظر شرْح نخبة الفكر" (66).
[8] كما فعَل ابن الصلاح - رحمه الله تعالى - وتَبِعه على ذلك مَن بعده، انظر: "مقدمة ابن الصلاح" [النوع الخامس والثلاثون] (410)، و"الباعث الحثيث" [النوع الخامس والثلاثون] (170).
[9] الإمام، الحافظ، المفتي، شيخ الإسلام، تَقي الدِّين، أبو عمرو، عثمان بن عبدالرحمن بن عثمان بن موسى الكردي (أصلاً)، الشَّهرُزوري - بضمِّ الراء المُهْمَلة الأولى - (مولدًا)، الشافعي (مذهبًا)، المعروف بـ(ابن الصلاح) صاحب "علوم الحديث" (577-643هـ).
انظر: "السير" (23/140)، "وفيات الأعيان" (3/243) و"شذرات الذهب" (5/221).
[10] انظر: "مقدمة ابن الصلاح" [النوع الخامس والعشرون] (303).
[11] أي: الصغير جدًّا.
[12] مثل: أن تكون في عُجالةٍ من أمرك، أو إن ضَعُفَ بصرُك.
[13] انظر: "مقدمة ابن الصلاح" [النوع الخامس والعشرون] (304).
[14] انظر: "لسان العرب" (4/2405).
[15] يعني أنَّ قولهم: "الصُّحُفي" - بضمِّ الصاد المهمَلة الثقيلة والحاء المُهمَلة - لحنٌ.
[16] انظر: "القاموس المحيط" (3/156).
[17] جعَل اللحْنَ والتصحيفَ اسمَيْنلشيءٍ واحد.
[18] انظر: "أساس البلاغة" (2/7).
[19] انظر: "المفردات" (275).
[20] انظر: "المعجم الوسيط" (508).