وهذا النفاق ستة أنواع 40
1- تكذيب الرسول صلى الله عليه وسلم .
2- تكذيب بعض ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم.
3- بغض الرسول صلى الله عليه وسلم.
4- بغض بعض ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم.
5- الفرح و المسرة بانخفاض دين الرسول صلى الله عليه وسلم.
6- الكراهية لانتصار دين الرسول صلى الله عليه وسلم.
النوع الثاني: النفاق العملي :
وهو عمل شيء من أعمال المنافقين مع بقاء الإيمان في القلب وهذا لا يخرج من
الملة- لكنه وسيلة إلى ذلك ، وصاحبه يكون فيه إيمان ونفاق وإذا كثر صار
بسببه منافقا خالصاً والدليل عليه قوله صلى الله عليه وسلم أربع
من كن فيه كان منافقاً خالصاً. ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من
النفاق حتى يدعها. إذا أؤتمن خان وإذا حدث كذب وإذا عاهد غدر وإذا خاصم
فجر)41فمن اجتمعت فيه هذه
الخصال الأربع فقد اجتمع فيه الشر وخلصت فيه نعوت المنافقين.ومن كانت فيه
واحدة منها صار فيه خصلة من النفاق فإنه قد يجتمع في العبد خصال خير وخصال
شر وخصال إيمان وخصال كفر ونفاق. ويستحق من الثواب والعقاب بحسب ما قام به
من موجبات ذلك ومنه التكاسل عن الصلاة مع الجماعة في المسجد فإنه من صفات
المنافقين- فالنفاق شر وخطير جداً وكان الصحابة يتخوفون من الوقوع فيه. قال
ابن أبي مليكة: أدركت ثلاثين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم
يخاف النفاق على نفسه.
الفروق بين النفاق الأكبر والنفاق الأصغر:
ا- أن النفاق الأكبر يخرج من الملة والنفاق الأصغر لا يخرج من الملة.
2- أن النفاق الأكبر اختلاف السر والعلانية في الاعتقاد والنفاق الأصغر اختلاف السر والعلانية في الأعمال دون الاعتقاد.
3- أن النفاق الأكبر لا يصدر من مؤمن وأما النفاق الأصغر فقد يصدر من المؤمن.
4- أن النفاق الأكبر في الغالب لا يتوب صاحبه ولو تاب فقد اختلف في قبول توبته عند الحاكم .
بخلاف النفاق الأصغر فإن صاحبه قد يتوب إلى الله فيتوب الله عليه.
وأما أهل النفاق الأكبر فقد قال الله فيهم: (صُمّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ)42 .
أي إلى الإسلام في الباطن وقال تعالى فيهم: (أَوَلاَ يَرَوْنَ أَنّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلّ عَامٍ مّرّةً أَوْ مَرّتَيْنِ ثُمّ لاَ يَتُوبُونَ وَلاَ هُمْ يَذّكّرُونَ)43 .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية (وقد اختلف العلماء في قبول توبتهم في الظاهر لكون ذلك لا يعلم إذ هم دائماً يظهرون الإسلام)44 .
من مظاهر الشرك في العالم في الزمن الحاضر
تقديم القرابين والنذور والهدايا للمزارات والقبور45
لقد
سد النبي صلى الله عليه وسلم كل الطرق المفضية إلى الشرك وحذر منها غاية
التحذير. ومن ذلك مسألة القبور فقد وضع الضوابط الواقية من عبادتها والغلو
في أصحابها ومن ذلك :
1- انه قد حذر صلى الله عليه وسلممن الغلو في الأولياء والصالحين. لأن ذلك يؤدي إلى عبادتهم. فقال: (إياكم والغلو فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو)46 وقال: (لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم. إنما أنا عبد فقولوا عبد الله ورسوله)47.
2- وحذر صلى الله عليه وسلم من البناء على القبور كما روى أبو الهياج الأسدي قال: قال لي علي بن أبي طالب رضي الله عنه: (ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا تدع تمثالاً إلا طمسته . ولا قبرا مشرفا إلا سويته)48 ونهى عن تجصيصها والبناء عليها.
عن جابر رضي الله عنه قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تجصيص القبر. وأن يقعد عليه. وأن يبنى عليه بناء)49 .
3- وحذر صلى الله عليه وسلم من الصلاة عند القبور.
عن عائشة رضي الله عنها قالت:
(لمانزل برسول الله صلى الله عليه وسلم طفق يطرح خميصة له على وجهه . فإذا
اغتم بها كشفها. فقال وهو كذلك لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور
أنبيائهم مساجد. يحذر ما صنعوا ولولا ذلك أبرز قبره غير أنه خشي أن يتخذ
مسجداً)50 وقال
صلى الله عليه وسلم: (ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك )51 واتخاذها مساجد معناه الصلاة
عندها وإن لم يبن عليها فكل موضع قصد للصلاة فيه فقد اتخذ مسجداً. كما قال صلى الله عليه وسلم: (جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً)52 ،فإذا بني عليها مسجد فالأمر أشد .
وقد خالف أكثر الناس هذه النواهي وارتكبوا ما حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم فوقعوا بسبب ذلك في الشرك الأكبر ، فبنوا على القبور مساجد وأضرحة ومقامات ، وجعلوها
مزارات
تمارس عندها كل أنواع الشرك الأكبر من الذبح لها ودعاء أصحابها والاستغاثة
بهم وصرف النذور لهم وغير ذلك- قال العلامة ابن القيم رحمه الله: ومن
جمع بين سنة رسول الله صلى الله عليه وسلمفي القبور وما أمر به ونهى عنه
وما كان عليه أصحابه ، وبين ما عليه أكثر الناس اليوم رأى أحدهما مضاداً
للآخر مناقضاً له بحيث لا يجتمعان أبداً. فنهى رسول الله صلى الله عليه
وسلم عن
الصلاة إلى القبور وهؤلاء يصلون عندها . ونهى عن اتخاذها مساجد . وهؤلاء
يبنون عليها المساجد ويسمونها مشاهد ، مضاهاة لبيوت الله . ونهى عن إيقاد
السرج عليها وهؤلاء يوقفون الوقوف على إيقاد القناديل عليها ونهى عن أن
تتخذ عيداً وهؤلاء يتخذونها أعياداً ومناسك ، ويجتمعون لها كاجتماعهم للعيد
أو أكثر. وأمر بتسويتها-
كما روى مسلم في صحيحه عن أبي الهياج الأسدي قال: قال لي علي بن أبي طالب رضي الله عنه (ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا تدع صورة إلا طمستها ولا قبراً مشرفاً إلا سويته)، وفي صحيحه أيضا عن ثمامة بن شفي: قال: (كنا
مع فضالة بن عبيد بأرض الروم برودس فتوفي صاحب لنا فأمر فضالة بقبره فسوي.
ثم قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بتسويتها) وهؤلاء يبالغون في مخالفة هذين الحديثين ويرفعونها عن الأرض كالبيت ويعقدون عليها القباب إلى أن قال: فانظر إلى هذا التباين العظيم
بين ما شرعه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقصده من النهي عما تقدم ذكره
في القبور. وبين ما شرعه هؤلاء وقصدوه، ولا ريب أن في ذلك من المفاسد ما
يعجز العبد عن حصره
- ثم أخذ يذكر تلك المفاسد- إلى أن قال: ومنها: أن الذي شرعه النبي
صلى الله عليه وسلم عند زيارة القبور إنما هو تذكر الآخرة والإحسان إلى
المزور بالدعاء له والترحم عليه والاستغفار وسؤال العافية له. فيكون الزائر
محسنا إلى نفسه وإلى الميت. فقلب هؤلاء المشركون الأمر وعكسوا الدين
وجعلوا المقصود بالزيارة الشرك بالميت ودعاءه والدعاء به وسؤال حوائجهم
واستنزال البركات منه ونصره لهم على الأعداء ونحو ذلك. فصاروا مسيئين إلى
أنفسهم وإلى الميت ولو لم يكن إلا بحرمانه بركة ما شرعه تعالى من الدعاء له