الاستنشاق
روى مسلم من حديث أبي هريرة (رضي الله عنه) أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال (اذا توضأ أحدكم فليجعل في أنفه ماء ثم لينتثر، وفي رواية ثم ليستنثر).
المضمضة و الاستنشاق في حال الصيام
روى الترمذي من حديث لقيط بن صبرة أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال (وبالغ في الاستنشاق الا أن تكون صائما)(حسن صحيح). فعلى الانسان ألا يبالغ في المضمضة والاستنشاق في حال الصيام، وذلك خشيت أن ينزل الماء الى الحلق، لكن مما نراه في نهار رمضان، أن هناك بعض الناس يكتفون بمسح الفم دون المضمضة، وهذا من التنطع في الدين، وقد قال النبي (صلى الله عليه وسلم) (هلك المتنطعون) قالها ثلاثا. رواه مسلم من حديث ابن مسعود، والمتنطعون هم الغالون المجاوزون للحدود في أقوالهم وأفعالهم، بل يجب عليه المضمضة والاستنشاق دون المبالغة في ذلك، حتى لا ينزل الماء.
سنن المضمضة و الاستنشاق
من سنن أن تتمضمض و تستنشق بعرفة واحدة، روى البخاري أن عبد الله بن زيد لما سئل عن وضوء النبي (صلى الله عليه وسلم) مضمض واستنشق واستنثر ثلاثا، بثلاث غرفات من ماء.
ومن السنة أيضا أن يكون الاستنثار باليد اليسرى، لأنه من باب ازالة الأذى، وقد ثبت من فعله أنه كان يستنثر باليد اليسرى. رواه النسائي.
غسل الوجه
حدود الوجه (قال القرطبي)
الوجه في اللغة مأخوذ من المواجهة ، وهو عضو مشتمل على أعضاء وله طول وعرض ؛ فحده في الطول من مبتدأ سطح الجبهة إلى منتهى اللحيين ، ومن الأذن إلى الأذن في العرض.
(قال ابن كثير)،وحد الوجه عند الفقهاء، ما بين منابت شعر الرأس، ولا اعتبار بالصلع، إلى منتهى اللحيين والذقن طولا ومن الأذن إلى الأذن عرضا. فهذه حدود الوجه على الانسان أن يستوعبها كلها بالماء، لكي يكون وضوؤه صحيحا.
سنن غسل الوجه
من سنن غسل الوجه، تخليل اللحية، كما ورد في حديث أنس بن مالك أن النبي (صلى الله عليه وسلم) كان اذا توضأ أخد كفا من ماء فأدخله تحت حنكه، فخلل لحيته، وقال هكذا أمرني ربي عزوجل. رواه أبو داود وقال ابن حجر العسقلاني حسن.
ثالثا (غسل اليدين الى المرفقين)وهو ما صرح به ربنا في الآية (وأيديكم الى المرافق).
وغسل اليدين يكون ظاهرا وباطنا وجوانبا، يقول الشافعي (ولا يجزئ في غسل اليدين أبدا، الا أن يؤتي على مابين أطراف الأصابع الا أن تغسل المرافق، ولا يجزئ الا أن يؤتي بالغسل على ظاهر اليدين وباطنهما وحروفهما حتى ينقضي غسلهما، وان ترك من هذا شيء وان قل لم يجزئه).
والنبي (صلى الله عليه وسلم) (كان يتوضأ وعليه جبة فأراد أن يرفع كمها، فضاقت فأخرج يده من الكم كله وغسل يديه).
وجوب تخليل أصابع اليدين
عن لقيط بن صبرة قال النبي (صلى الله عليه وسلم) (أسبغ الوضوء، وخلل بين الأصابع).
وعن عبد الله بن مسعود (رضي الله عنه) قال النبي (صلى الله عليه وسلم) (لتنهكن الأصابع بالطهور، أو لتنهكنها النار). رواه الألباني في السلسلة الصحيحة. (والنهك هو المبالغة).
سنن غسل اليدين
من السنن الاطالة في غسل اليدين لقوله (صلى الله عليه وسلم) (فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل).رواه البخاري. قيل المستحب الزيادة الى نصف العضد، وقيل الى فوق ذلك.
رابعا (مسح الرأس)-(الأذنان)
وهو ما صرح به ربنا في الآية (وامسحوا برءوسكم).
والمسح يكون بمسح الرأس كله، ولا يجزئ مسح بعض الرأس، والأذنان من الرأس، كما روى أبوداود والترمذي من حديث أبي أمامة الباهلي أن النبي (صلى الله عليه وسلم) توضأ فمسح أذنيه مع الرأس وقال (الأذنان من الرأس).
مسح الرأس
وله ثلاث حالات
الحالة الأولى أن تمسح الرأس كله، وهو الأصل لقوله تعالى(وامسحوا برءوسكم).ولما جاء في حديث عبد الله بن زيد أن النبي (صلى الله عليه وسلم)، مسح رأسه بيديه فأقبل بهما وأدبر، بدأ بمقدم رأسه ثم ذهب إلى قفاه ثم ردهما إلى المكان الذي بدأ منه. رواه الجماعة. و الحالة الثانية أن تستوعب العمامة بالمسح كلها، لما جاء عن عمرو بن أمية (رضي الله عنه) قال رأيت رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، يمسح على عمامته وخفيه. رواه أحمد والبخاري وابن ماجه. وعن بلال أن النبي
(صلى الله عليه وسلم)، قال (امسحوا على الخفين والخمار). رواه أحمد. و الحالة الثالثة أن تمسح مقدمة الرأس، وتكمل على العمامة، كما في حديث المغيرة أن النبي (صلى الله عليه وسلم) مسح بناصيته وعلى العمامة. رواه مسلم. واقتصر على مسح الناصية لأنه يحمل بقية الرأس.
أما المرأة يكفيها أن ترجع يديها الى قفاها، وما استرسل من شعرها بعد ذلك لا يلزمها، والله أعلم.
مسح الأذنين
والصحيح أن لا يأخد ماء جديدا لأذنيه، وانما يمسحهما بالماء المتبقي من ماء الرأس، وهذا اختيار شيخ الاسلام ابن تيمية، وابن القيم، وابن باز، والعثيمين، أما حديث أنه أخد لأذنيه ماء جديدا فهو ضعيف.
ومسح الأذنين يكون بأن تدخل السبابة في خرق الأذنين (أي من الداخل)، وتمسح بابهامك ظاهرهما.
ومما نراه أن بعض الناس اذا مسحوا الأذنين، مسحوا بعدها العنق، ويستدل بعضهم بحديث مسح العنق أمانة من الغل، هذا الحديث لا يصح، وقال ابن تيمية، وابن القيم، لم يصح عنه مسح العنق.
خامسا (غسل الرجلين الى الكعبين)
وهو ما صرح به ربنا في الآية (وأرجلكم الى الكعبين).
وذلك بأن يستوعب الماء كل الرجل،ظاهرا وباطنا وجوانبا، فقد روى البخاري ومسلم عن عبد الله بن عمرو (رضي الله عنه) قال، تخلف النبي (صلى الله عليه وسلم) عنا في سفرة سافرناها، فأدركنا وقد أرهقنا العصر (أي أرخانا العياء) فجعلنا نتوضأ ونمسح على أرجلنا، فنادى بأعلى صوته (ويل للأعقاب من النار مرتين أو ثلاثا). والعقب هو مؤخر القدم. قال ابن خزيمة، لو كان الماسح مؤديا للفرض لما توعد بالنار.
وجوب تخليل أصابع الرجلين
عن لقيط بن صبرة قال النبي (صلى الله عليه وسلم) (أسبغ الوضوء، وخلل بين الأصابع).
وعن عبد الله بن مسعود (رضي الله عنه) قال النبي (صلى الله عليه وسلم) (لتنهكن الأصابع بالطهور، أو لتنهكنها النار). رواه الألباني في السلسلة الصحيحة. (والنهك هو المبالغة).
6-سنن الوضوء
والسنة ما يتاب فاعله، ولا يعاقب تاركه ولا يأثم.
أولا (السواك)
روى البخاري عن أبي هريرة (رضي الله عنه) قال النبي (صلى الله عليه وسلم) (لولا أن أشق على الناس، لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة، وفي رواية لعلي بن أبي طالب باسناد حسن، مع كل وضوء).
وروى البيهقي بسند حسن عن أم سلمة أنه (صلى الله عليه وسلم) قال (مازال جبريل يوصيني بالسواك حتى خشيت على أضراسي).
ثانيا (البدأ باليمين)روى النسائي عن عائشة (رضي الله عنها) أن النبي (صلى الله عليه وسلم) كان يحب التيامن ما استطاع، في طهوره، وتنعله (لبس الحذاء)، وترجله (مشط الشعر أو حلقه)، ويأخد بيمينه، ويعطي بيمينه، وفي رواية كان يحب التيامن في شأنه كله.
ثالثا (الدلك والاقتصاد في الماء)
عن عبد الله بن زيد الأنصاري أن النبي (صلى الله عليه وسلم) أتى بثلثي مد فتوضأ، فجعل يدلك ذراعيه. فكان (صلى الله عليه وسلم) يتوضأ بثلثي مد. والمد هو ملئ حفنتي الرجل بكفيه.
رابعا (تثليت الغسل)
الواجب مرة واحدة، والسنة ثلاث غسلات، وثبت عنه أيضا مرتين مرتين، ومرة مرة، ويجوز أيضا أن تخالف في عدد الغسلات كأن تغسل الوجه مرة واليدين ثلاثا...
لما جاء في البخاري عن عبد الله بن زيد لما سئل عن وضوء النبي (صلى الله عليه وسلم) (...فغسل وجهه ثلاثا، ثم أدخل يديه في الاناء، فغسل يديه الى المرفقين مرتين مرتين...)
خامسا (الدعاء بعد الفراغ من الوضوء)
اذا فرغ الانسان من الوضوء فليقل، أشهد أن لا اله الا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. رواه مسلم. ثم يقول بعد ذلك، اللهم اجعلني من التوابين، واجعلني من المتطهرين، سبحانك اللهم و بحمدك، أشهد أن لا اله الا أنت، أستغفرك و أتوب اليك. رواه الترمذي والنسائي بسند صحيح.