(أياما معدودات) موقتات هي مدة شهر رمضان القائل فيها صلى الله عليه وسلم صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين (فمن كان منكم) معشر عباد الله المؤمنين (مريضا) فيها (أو على سفر) كذلك مسافرا سفر قصر (فعدة) إذا أفطر تلزمه (من أيام أخر) على عدد ما أفطر (وعلى الذين يطيقونه) أي الصوم (فدية) أي يفتدى عنها وذلك (طعام مسكين) من غالب قوت البلد ونسخت بقوله تعالى ((فمن شهد منكم الشهر فليصمه)) وقدرها مد عن كل يوم (فمن تطوع خيرا) زاد للمساكين في الفدية (فهو) التطوع (خير له) عند الله وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله (وأن تصوموا) معشر المؤمنين (خير لكم) في آخرتكم (‘ن كنتم تعلمون) ما في الصوم من الثواب (شهر رمضان) هو الواجب صومه على هذه الأمة (الذي أنزل فيه) من اللوح المحفوظ في ليلة القدر إلي بيت العزة في سماء الدنيا (القرآن) ثم أنزل نجوما إلي النبي صلى الله عليه و سلم في مدة البعثة (هدى) من الضلال (للناس) أجمعين (وبينات) آيات و اضحات الدلالة (من الهدى) المهتدى به إلي الصواب مما أحله الله وحرمه (و الفرقان) المفرق بين الحق و الباطل (فمن شهد) حضر (منكم) عباد الله المؤمنين (الشهر) المذكور (فليصمه) و لايفرط في يوم منه بغير عذر (ومن كان مربضا) مرضا مبيحا له الإفطار (أو على سفر) مسافرا مدة قصر (فعدة) يلزمه صيامها محل تلك الأيام (من أيام أخر) من باقي السنة (يريد الله بكم) حيث أباح لكم الفطر مع المرض و السفر (اليسر) وعدم المشقة (و لا يريد بكم العسر) المشقة بالتكاليف
(ولتكملوا) وقرئ بالتشديد (العدة) عدة أيام صومكم (و لتكبروا الله) يوم الفطر (على ما هداكم) على هدايته لكم للصوم (و لعلكم تشكرون) الله على ما وفقكم له من صومكم الموجب لكم أكبر الجزاء لديه وفي الصحيحين قال صلى الله عليه وسلم كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فهو لي وأنا أجازي به والصيام جنة ولإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث و لايصخب وإن سابه أحد أو قاتله فليقل إني امرؤ صائم و الذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عد الله من ريح المسك و للصائم فرحتان إذا أفطر فرح بفطره وإذا لقى ربه فرح بصومه وكيف لا يشكر شئ أوجب المعاملة مع الحق حتى تولى جزاءه بنفسه ولعل المقصود بجزائه تجلية بنفسه للصائم ولما سأل جماعة المصطفى صلى الله عليه وسلم أقريب ربنا فنناجيه أم بعيد فنناديه نزل (وإذا سألك عبادي) طالبين مني مقاصدهم (عني) إذا دعوني أقريب أم بعيد قل لهم قال لكم ربكم(فإني قريب) أقرب إليهم من حبل الوريد (أجيب دعوة الداع) لجنابي(إذا دعان) وطلب مني (فليستجيبوا لي) ما دعوتهم إليه من اللإيمان و الطاعة وليطيبوا مطعمهم ومشربهم فإن إجابة دعائم لي مقرونة بذلك وفي الحديث قال صلى الله عليه وسلم لسعد بن أبي وقاص يا سعد إن الله لا يستجيب دعاء عبد لم يطب مطعمه ذكر الحديث بطوله الجد سيدي عبدالله المرغني في حاشيته على كتابه المعجم و عند مسلم في آخر حديث له مرفوعا ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه لإلي السماء يا رب يارب و مطعمه حرام و ملبسه حرام ومشربه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك (وليؤمنوا بي) يدوموا على الإيمان بي و العمل بما يزيدهم إيمانا (لعلهم يرشدون) وإلي سبيل الخير يهتدون وقرئ بكسر الشين و فتحها (أحل لكم) أيها الصائمون (ليلة الصيام) أي الليلة التي تصبحون صائمين نهارها (الرفث إلي نسائكم) الإفضاء إليهن بالجماع (هن) أي نساؤكم (لباس لكم) فراش
(وأنتم لباس لهن)أي لحاف وهو كناية عن التعانق (علم الله) منكم (أنكم) لغلبة نفوسكم (كنتم تختانون) تخونون وتظلمون (أنفسكم) وذلك حين حجر عليكم فعل ذلك من أول الليل (فتاب عليكم) ما فعلتموه (وعفا عنكم) فيما أسأتموه(فالآن) وسع لكم في ذلك فقال لكم (باشروهن) أي جامعوهن(وابتغوا) اطلبوا(ما كتب الله لكم) الترخيص فيه من الجماع و طلب الولد (وكلوا) من طيبات ما أحل الله لكم (واشربوا) كذلك طول الليل (حتى يتبين) و يظهر (لكم الخيط الأبيض) وهو مبادي الفجر (من الخيط الأسود) وهو الليل (من الفجر) المعبر عنه بالخيط الأبيض فقد وسعنا لكم وأبحنا لكم ما كنا حجرناه عليكم من أول الليل إلي الفجر (ثم أتموا) من وقتكم ذلك (الصيام) عن كل مفطر (إلي الليل) وفي البخاري و مسلم عنه صلى الله عليه و سلم قال إذا أقبل الليل من ههنا و أدبر النهار من ههنا وغربت الشمس فقد أفطر الصائم (و لا تباشروهن) الضمير للنساء (وأنتم) أيها المؤمنون (عاكفون) مقيمون (في المساجد) بنية الاعتكاف فإنه يفسد (تلك) أحكام الله التي ذكرها (حدود الله) حدها لعباده (فلا تقربوها) فإنه من قرب من الشئ يخشى أن يدخل فيه و في الخبر عنه صلى الله عليه وسلم أن لكل ملك حمى و حمى الله محارمه فمن رتع حول الحمى يوشك أن يقع فيه (كذلك) مثل ما بين الله لكم هذه الأحكام (يبين الله آياته) التي يفرق بها بين الحق و الباطل (للناس) الطالبين النجاة منه