بسم الله الرحمان الرحيم وبه اهتدي واستعين اللهم صل وسلم على من بعثته رحمة للعالمين بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ ثُمَّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مِمَّا يُحِيطُ عِلْمًا أَنَّهُ لَمْ يَقُلْهُ إلَّا بِأَخْذِهِ إيَّاهُ عَنْهُ إذْ كَانَ مِثْلُهُ لَا يُوجَدُ إلَّا عَنْهُ ، وَلَا مِمَّا يُدْرَكُ بِالرَّأْيِ ، وَلَا مِنْ اسْتِنْبَاطٍ وَلَا مِنْ اسْتِخْرَاجٍ فِي التِّسْعِ الْآيَاتِ الَّتِي أُوتِيَهَا مُوسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد ، حَدَّثَنَا مُسَدِّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ ، عَنْ شُعْبَةَ ، حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ ، قَالَ : « قَالَ رَجُلٌ مِنْ الْيَهُودِ لِآخَرَ : اذْهَبْ بِنَا إلَى هَذَا النَّبِيِّ ، فَقَالَ لَهُ الْآخَرُ : لَا تَقُلْ هَذَا النَّبِيَّ ؛ فَإِنَّهُ إنْ سَمِعَهَا كَانَ لَهُ أَرْبَعَةُ أَعْيُنٍ ، فَانْطَلَقَا إلَيْهِ ، فَسَأَلَاهُ عَنْ تِسْعِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ ، فَقَالَ : تَعْبُدُوا اللَّهَ لَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ، وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ - ص 5 - الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إلَّا بِالْحَقِّ ، وَلَا تَزْنُوا ، وَلَا تَسْرِقُوا ، وَلَا تَفِرُّوا مِنْ الزَّحْفِ ، وَلَا تُسْحِرُوا ، وَلَا تَأْكُلُوا الرِّبَا ، وَلَا تَمْشُوا بِبَرِيءٍ إلَى سُلْطَانٍ ، وَعَلَيْكُمْ يَهُودَ أَنْ لَا تَعْدُوا فِي السَّبْتِ . فَقَالَا : نَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ » . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : هَذَا الْحَرْفُ « نَشْهَدُ أَنَّك رَسُولُ اللَّهِ » لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ أَصْحَابِ شُعْبَةَ إلَّا يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ ، فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ التِّسْعَ آيَاتٍ الَّتِي آتَاهَا اللَّهُ مُوسَى هِيَ التِّسْعُ الْآيَاتُ الْمَذْكُورَاتُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ ، وَأَنَّهَا عِبَادَاتٌ لَا نِذَارَاتٌ ، وَلَا تَخْوِيفَاتٌ ، وَلَا وَعِيدَاتٌ . وَمَا عَلِمْنَا أَحَدًا مِمَّنْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ شُعْبَةَ ضَبَطَ التِّسْعَ الْآيَاتِ الْمَذْكُورَاتِ فِيهِ غَيْرَ يَحْيَى ، وَقَدْ ظَنَّ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ قَدْ ضَبَطَهَا عَنْ شُعْبَةَ أَيْضًا بِضَبْطِ يَحْيَى إيَّاهَا عَنْهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إدْرِيسَ الْأَوْدِيُّ وَذَكَرَ فِي ذَلِكَ : - مَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ ، أَخْبَرَنَا أَبُو كُرَيْبٍ ، عَنْ ابْنِ إدْرِيسَ ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ عَمْرٍو ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ صَفْوَانَ قَالَ : « قَالَ يَهُودِيٌّ لِصَاحِبِهِ : اذْهَبْ بِنَا إلَى هَذَا النَّبِيِّ ، فَقَالَ صَاحِبُهُ : لَا تَقُلْ نَبِيٌّ ، لَوْ سَمِعَهَا كَانَ لَهُ أَرْبَعَةُ أَعْيُنٍ ، فَأَتَيَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَسَأَلَاهُ عَنْ تِسْعِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ فَقَالَ لَهُمْ : لَا تُشْرِكُوا بِاَللَّهِ شَيْئًا ، وَلَا تَسْرِقُوا ، وَلَا تَزْنُوا ، وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إلَّا بِالْحَقِّ ، وَلَا تَمْشُوا بِبَرِيءٍ إلَى سُلْطَانٍ ، وَلَا تُسْحِرُوا ، وَلَا تَأْكُلُوا الرِّبَا ، وَلَا تَقْذِفُوا الْمُحْصَنَةَ ، وَلَا تَوَلُّوا يَوْمَ الزَّحْفِ ، وَعَلَيْكُمْ خَاصَّةً يَهُودُ أَنْ لَا تَعْدُوا فِي السَّبْتِ فَقَبَّلُوا يَدَيْهِ ، وَرِجْلَيْهِ ، وَقَالُوا : نَشْهَدُ أَنَّكَ نَبِيٌّ قَالَ : فَمَا يَمْنَعُكُمْ أَنْ تَتَّبِعُونِي ؟ قَالُوا : إنَّ دَاوُد دَعَا أَنْ لَا يَزَالَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ نَبِيٌّ ، وَإِنَّا نَخَافُ إنْ تَبِعْنَاكَ أَنْ تَقْتُلَنَا يَهُودُ » . هَكَذَا حَدَّثَنَاهُ ابْنُ شُعَيْبٍ بِلَا شَكٍّ مِنْهُ فِيهِ ، وَلَا مِمَّنْ رَوَاهُ عَنْهُ ، وَلَا مِمَّنْ فَوْقَهُ مِنْ رُوَاتِهِ فِيهِ . وَكَانَ مَا ظَنَّ هَذَا الظَّانُّ بِخِلَافِ مَا ظَنَّهُ ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَمَا ظَنَّ ، لَكَانَ ابْنُ إدْرِيسَ قَدْ زَادَ عَلَى يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ فِيهِ آيَةً أُخْرَى ، فَصَارَ الَّذِي فِيهِ عَشْرُ آيَاتٍ ، وَإِنَّمَا الَّذِي أَخْبَرَ اللَّهُ أَنَّهُ آتَاهُ مُوسَى مِنْهَا تِسْعُ آيَاتٍ لَا عَشْرُ آيَاتٍ . وَلَكِنَّ حَقِيقَةَ هَذِهِ الزِّيَادَةِ الَّتِي فِيهِ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عَلَى يَحْيَى إنَّمَا هِيَ أَنَّ شُعْبَةَ قَدْ كَانَ شَكَّ فِيهِ بِآخِرِهِ ، فَلَمْ يَدْرِ : هَلْ مِنْ الْآيَاتِ الَّتِي فِيهِ التَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ ، أَوْ قَذْفُ الْمُحْصَنَةِ ، وَكَانَ يُحَدِّثُ بِهِ كَذَلِكَ إلَى أَنْ مَاتَ ، وَكَأَنَّ سَمَاعَ يَحْيَى إيَّاهُ مِنْهُ بِلَا شَكٍّ كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ .
- ص 5 -