.: تسمٌي هذه الليلة ليلة البراءة . وقيل : إن للملائكة ليلتي عيد في السماء ، كما أن للمسلمين يومي عيد في الأرض ، فعيدالملائكة ليلة البراءة وليلة القدر ، وعيد المؤمنين يوم الفطر ويوم الأضحى . وقيل : أظهر الله ليلة البراءة وأخفي ليلة القدر ، فليلة البراءة ليلة الحكم والقضاء ،وليلة السخط والرضا ، ليلة القبول والردٌ ، والوصول والسدٌَ ، ليلة السعادة والشقاء والكرامة والنقاء ، فواحد فيها يسعد والآخر فيها يبعد ، وواحد يخزي وواحد يجزي ،وواحد يكرم وآخر يحرم وواحد يؤجر وآخر يهجر ، فكم من كفن مغسول وصاحبه في السوق مشغول ، وكم من قبر محفور وصاحبه بالسرور مغرور ، وكم من فم ضاحك وهو عن قريب هالك، وكم من منزل كمل بناؤه وصاحبه قد أزف فناؤه ، وكم من عبد يرجو الثواب فيبدو له العقاب ، وكم من عبد يرجو البشارة فتبدو له الخسارة ، وكم من عبد يرجو العطاء فيبدوله البلاء ، وكم من عبد يرجو المُلْك فيبدو له الهُلْك ، وكان الحسن البصري يوم النصف من شعبان كأنه قد أُخرج من قبر ، فقيل له في ذلك ، فقال : والله ما الذي انكسرت سفينته بأعظم مصيبة منٌَي ، قيل له : ولم ذلك ؟ قال : لأنب من ذنوبي على يقين ، ومن حسناتي علي وَجَل ، فلا أدري أتقبل مني أم تردٌ عليٌ .
.: عن عائشة رضيالله عنها :
[ أن النبي صلي الله عليه وسلم كان يصوم شعبان كله . قالت قلت : يا رسول الله أحب الشهورإليك أن نصومه شعبان ؟ قال : إن الله يكتب فيه علي كل نفس ميتة تلك السنة ، فأحب أن يأتيني أجلي وأنا صائم . ] رواه أبو يَعْلي وإسناده حسن .
*** عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال :
[ كان أصحاب النبي صلي الله عليه وسلم إذا نظروا إلي هلال شعبان أكبٌُوا علي المصاحف يقرؤونها ،وأخرجوا زكاة أموالهم ليتقوٌي بها الضعيف والمسكين علي صيام شهر رمضان ، ودعاة ولاة الأمر أهل السجن فمن كان عليه حَدٌُُ أقاموا عليه وإلا خلوا سبيله ، وانطلق التجار فقضوا ما عليهم وقبضوا ما لهم ، حتى إذا نظروا إلي هلال رمضان اغتسلوا واعتكفوا عليالطاعة .] رواه في الغنية .
.: فيجب علي كل لبيب مؤمن أن لا يغفل في هذاالشهر ، بل يتأهب فيه لاستقبال شهر رمضان بالتطهر من الذنوب والتوبة عما فات وسلففيما مضي من الأيام ، فيتضرٌع إلي الله تعالي في شهر شعبان حتى يصلح الله فساد قلبه، ويداوي مرض سرٌَه ، ولا يسوٌَف ويؤخر ذلك إلي غد ، لأن الأيام ثلاثة : أمس وهوآجل ، واليوم وهو عمل ، وغدا وهو ؟أمل فلا تدري هل تبلغه أم لا ، فأمس موعظة ،واليوم غنيمة ، وغدا مخاطرة ، وكذلك الشهور ثلاثة : رجب فقد مضي وذهب فلا يعود ،ورمضان وهو منشطر لا تدري هل تعيش إلي إدراكه أم لا ؟ وشعبان وهو واسطة بين شهرينفليغْتَنم الطاعة فيه وقد قال الرسول صلي الله عليه وسلم يغبط صاحبه : [ اغتنم خمساقبل خمس : شبابك قبل هرمك ، وصحتك قبل سقمك ، وغناك قبل فقرك ، وفراغك قبل شغلك ،وحياتك قبل موتك .]
يتــــــــــــــــــــــــــــــــــــبع