تكميل للكلام حتى يصل الفهم ويثلج الصدر لأني ما وضعت هذا الفصل إلا ليكون نقاش وحوار لتعمل الفائده منجميع الجوانب فأقول إن
الطبائع الأربعة التي خلق الله منها المخلوقات والتي تعيش على الأرض من إنسان وحيوان وطيور وأسماك ونباتات ولكن توجد معها مخلوقات خفية منها الجن ، وهو من المخلوقات المعروفة نوعا ما لدى الآدميين وتوجد مخلوقات أخرى تشارك الإنس والجن في الحياة مثل الروحانيات وغيرها.ابتدأ الله الكونيات بخلق الطبائع الأربعة التراب - الماء - النار- الهواء ومنها خلق أجساد كافة المخلوقات فكانت هي أوليات الخلق عندما خلق الله سيدنا آدم مزج التراب بالماء وكوًّن منه الطين وخلق منه الجسد فأصبح الإنسان مخلوقا من سلالة من طين. وكذلك الحال بالنسبة للحيوان، والنبات، وكل ما يدبُّ على الأرض من التراب .أما الأسماك فخلقت من الماء، والطيور من الهواء، أما عن خلق الجن فقد مزج النار بالهواء وكوًّن ما يسمى بالمارج، وخلق من المارج الجان وهو أبو الجن قال تعالى:{خلق الجان من مارج من نار} ( سورة الرحمن 15).
بالإضافة للإنس والجن والحيوان والنبات يوجد نوع من الملائكة يعيشون على الأرض ويعرفون بالملائكة الروحانيين مخلوقون من الريح ويسمون أيضا الملائكة السيارة . وعندما يريدون الظهور يتجسدون على هيئة عصفور أو جمل أو إنسان وسيم . وهم يحفون بمجالس العلم أو في حلقات الذكر و عند قراءة القرآن . وكل إلهامات الشعر والفن والرسم منهم ، ولكن ليس معنى هذا أن أي إلهام لشعر أو رسم من الروحانيين بل هنالك إلهام من الشياطين مثل بعض الفنون والرسوم ذات التأويلات الخيالية التي ليست لها اي علاقة بالحقائق ومثل أشعار الغزل الفاضح قال تعالى: {والشعراء يتبعهم الغاوون ألم ترهم في كل واد يهيمون ويقولون مالا يفعلون إلا الذين آمنوا وانتصروا من بعدما ظلموا}• (سورة الشعراء 227 ) وهنا استثنى ربنا الشعراء المؤمنين لا يتبعهم الغاوون ولا يأخذون شعرهم من الشيطان بل من الروحانيين، وعلى سبيل المثال سيدنا حسان بن ثابت لا يصنف في بند الشعراء الغاوين فهو مادح سيدنا رسول الله وكل من قرض الشعر في مدح الرسول وآل بيته كما أخبر النبي (إن روح القدس ينفث فى حسان ما نافح أو فاخر عن رسول الله) روي عن السيدة عائشة رضي الله عنها برواية البخاري.
ويوجد نوع آخر من الملائكة ليس لهم أي علاقة بالطبائع الأربعة وهم الملائكة الكروبيون خلقوا من النور الصرف وذُكروا في القرآن باسم العالين قال تعالى:{استكبرت أم كنت من العالين} (سورة ص 75) والعالون هم المقربون الحافون من حول العرش {وترى الملائكة حافين من حول العرش} (الزمر75) وورد ذكرهم باسم الكروبيين في مسند عبد الرازق في حديث أسبقية النور (أول ما خلق الله نور نبيك يا جابر).
الكلام عن خلق الأجساد لتلك المخلوقات أما الروح
فاجساد كل هذه المخلوقات اختلفت جسدا ولكنها مشتركة في الروح، بمعني أن الروح التي في الأجساد واحدة قال تعالى: {وجعلنا من الماء كل شيء حي} (الأنبياء 30)، الكل يعتقد أن الله قد خلق كل شيء من الماء استنادا على هذه الآية أما الحقيقة فإن كلمة الماء هنا المقصود بها الروح لأن الجن مخلوق من النار وليس من الماء، وكذلك الطير مخلوق من الهواء، قال تعالى:{والجان خلقناه من قبل من نار السموم} (الحجر 27) والملائكة الروحانيون خلقوا من الريح ووردت كلمة الماء في القرآن بمعنى روح في مواطن متعددة قال تعالى:{وكان عرشه على الماء}(سورة هود7) الماء هنا المقصود بها الروح الأساسية التي خلقت منها كل أرواح المخلوقات فالجن من نار وبه روح ، والطير من الهواء وبه روح، والملائكة من نور وبها روح، وهكذا فالروح هي ماء الحياة.