(والمغرب) ونزلت الآية في اليهود و النصارى حين زعموا أن ذلك عند الله هو البر(ولكن البر) عمل البر النافع لدى الله وقرئ البار وقرئ بالتخفيف ورفع البر (من آمن بالله) ولم يشرك في عبادته أحدا(و اليوم الآخر) آمن بيوم الحساب ووقوعه وما فيه من الجزاء(والملائكة) أنهم عباد الله معصومون خزنة أسراره(والكتاب) أي و الكتب أنها كلام الله المودع فيه أحكامه(والنبيين) أنهم صادقون فيما جاءوا به عن الله(وآتى المال) أي وأعطاه(على حبه) أي مع محبته له في حال صحته وفي البخاري و مسلم وغيرهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أفضل الصدقة أن تتصدق وأنت صحيح شحيح تأمل العيش وتخشى الفقر ولا تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم قلت لفلان كذا و لفلان كذا ألا وقد كان لفلان أو على حب الله بأن آثر الآخرة على الدنيا وأنفق ماله رغبة فيها بل أعطى المال لله فإن من أنفق ماله في محبة الله لا لطلب الآخرة بل لطلب وجهه الكريم هو العبد الحقيقي (ذو القربى) أي أعطاه أهل القرابة الحسية أو أهل القرابة المعنوية وهم أهل الله(واليتامى) الذين مات آباؤهم (و المساكين) الضعفاء أو من سكن قلبهم إلي الله (وابن السبيل) المسافر أو من توجه إلي الله بالصدق وترك علائق الكون (والسائلين) الطالبين فإن الطالب له حق وفي الحديث قال صلى الله عليه وسلم للسائل حق وإن جاء على فرس (وفي الرقاب) أي وأعطى المال لفك الرقاب كالمكاتب و الأسير (وأقام الصلاة) بأركانها مع الحضور (وآتى الزكاة) المفروضة عليه عن طيب نفس (والموفون بعهدهم) لله (إذا عاهدوا) فلا ينقضونه مع الناس أو مع ربهم (و الصابرين) بلا كثرة قلق (في البأساء) شدة الفقر إذا حلت بهم ( والضراء) حال المرض
(وحين البأس) حين يحمى القتال (أولئك) المنعتون (الذين صدقوا) في معاملتهم مع مولاهم (وأولئك هم المتقون) المختشون الله المتحققون بخوفه وفي الحديث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من عمل بهذه الآية فقد استكمل الإيمان (ياأيها الذين آمنوا) بالله و رسوله ( كتب) فرض (عليكم القصاص) باعتبار المماثلة وقرئ كتب بالبناء للفاعل و القصاص بالنصب (في القتلى) فالحكم أن القتل (الحر) المسلم (بالحر) المسلم وفي الحديث قال صلى الله عليه وسلم لا يقتل مسلم بكافر (والعبد) يقتل (بالعبد) وفي مسند أحمد عنه صلى الله عليه و سلم لا يقتل حر بعبد (والأنثى) تقتل (بالأنثى) ويقتل الذكر بها كما وضحت السنة (فمن عفى له) أي عفا القاتلون له ( من أخيه) أي من دم المقتول (شئ) بأن عفا بعض الأولياء فيسقط القود حينئذ (فاتباع) على العافي للقاتل (بالمعروف) فيطالبه بالدية بلا تشديد عليه (وأداء) على القاتل (إليه) إلي الوارث العافي للدية (بإحسان) بلا تسويف ومطل (ذلك) الحكم المذكور من الله (تخفيف) وتهوين (من ربكم) عليكم (ورحمة) بكم فإنه وسع عليكم يا أمة محمد ما حجره على غيركم فإنه قد أوجب جل شأنه على النصارى الدية وعلى اليهود القصاص (فمن اعتدى) فقتل القاتل المعفو عنه (بعد ذلك) العفو الواقع (فله عذاب أليم) في الدار الآخرة ويقتل في الدنيا أيضا لما ورد أنه صلى الله9 عليه وسلم قال لا أعافي أحدا قتل بعد أخذ الدية (ولكم) معشر عباد الله المؤمنين (في القصاص) وقتل القاتل بالمقتول (حياة) لأنه إذا علم أنه يقتل ترك القتل أو من رأى القصاص لا يتجرأ على القتل فاعلموا ما أراد بذلك الله (يا أولي الألباب) العقلاء أهل الفطانة و العقول السليمة (لعلكم تتقون) تجتنبون القتل
(كتب عليكم) فرض عليكم (إذا حضر أحدكم الموت) بأن بانت أسبابه وظهرت علاماته عليه (إن ترك خيرا) مالا (الوصية) يوصى بها (للوالدين و الأقربين) وكان هذا في بدء الإسلام ونسخ بآية المواريث وقوله صلى الله عليه وسلم لا وصية لوارث (بالمعروف) و العدل فلا يعطي الغني أكثر من الفقير و لا يتجاوز الثلث (حقا) ذلك (على المتقين) المختشين الله سبحانه (فمن بدله) أي غير الإيصاء من وصى و شاهد (بعد ما سمعه) بنفسه أو وصل إليه بتحقيق (فإنما إثمه) إثم تغييره (على الذين يبدلونه) لا على الميت (إن الله سميع) لما يقوله الموصون (عليم) بما يفعل كل وصى فيجازيهم عليه (فمن خاف) توقع و علم (من موص) وقرئ مثقلا (جنفا) ميلا إلي الخطأ في أمر الوصية (أو إثما) كأن يتعمد الزيادة على الثلث أو تفضيل الغنى ( فأصلح بينهم) أي بين الموصى لهم على الطريق الشرعي (فلا إثم عليه) فيما فعل ( إن الله غفور) للمسيئين (رحيم) بالمحسنين (يا أيها الذين آمنوا كتب) فرض (عليكم الصيام) صيام رمضان (كما كتب) مطلق صوم أيام (على الذين من قبلكم) من الأنبياء وأممهم (لعلكم تتقون) ما يبعد عن الله فإن الصوم يكسر الشهوة التي هي أول داع إلي المعاصي وفي الحديث قال صلى الله عليه وسلم عليكم بالباءة فمن لم يستطيع فعليه بالصوم فإنه له وجاء
