![]() |
آداب الحوار
"للحوار آداب حريُّ بالمحاور أن يلم بها، فهي الطريق لكسب الآخرين والتأثير فيهم.. وقد أولى القرآن أدب الحوار أهمية بالغة، فهو الإطار الفني للدعوة،والسحر الحلال الذي يفتن عقول الناس ويأسر أفئدتهم..
فمن نصوص القرآن: قوله تعالى {وقولوا للناس حسنا} سورة البقرة الآية 83وقوله تعالى {وجادلهم بالتي هي أحسن} سورة النحل الآية .125.وقوله تعالى: {فقولا له قولاً لينا لعله يتذكر أو يخشى} سورة طه الآية .44.وقوله تعالى {وقولوا لعبادي يقولوا التي هي أحسن} سورة الاسراء الآية .53.وقوله تعالى {والذين هم عن اللغو معرضون} سورة المؤمنون: الآية 3. وقوله تعالى {ادفع بالتي هي أحسن السيئة} الآية.. سورة المؤمنون 96. وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم مثالاً للمحاور الرائع، تشهد بذلك أفعاله قبل أقواله، وقد جاء عنه أنه قال: * "يسِّروا ولا تُعَسِّروا وبشروا ولا تنفروا" متفق عليه. * "الكلمة الطيبة صدقة" متفق عليه * "ليس الشديد بالصرعة ولكن الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب" متفقعليه * "تبسُّمُكَ في وجه أخيك صدقة" رواه الترمذي. * "الحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها فهو أحق الناس بها".. رواه الترمذي وابن ماجة. * "إن الله رفيق يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطيه على العنف،وما لا يعطي على سواه" رواه أبوداود وابن حيان. والآيات والأحاديث أكثر من أن تُحصر في مثل هذا المقام، ومن هذه النصوص وغيرها تتفرع آداب عديدة للحوار سنأتي على ما يسره الله منها.. وقد تحدث المؤلف في آخر الكتاب عن (القرآن الكريم والحوار) ص 65- 67وعن (الرسول صلى الله عليه وسلم والحوار) ص 68- 69لنجد أن آداب الحوار الإنسانيالراقي والمثمر والنافع موجودة في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم بما يسعدمن استوحاها والتزم بها من أفراد ومجتمعات ومحافل سياسية أو علمية.. أو غيرها.. ***** ورغم أن مؤلف الكتاب الدكتور طارق الحبيب لم يسرد آداب الحوار بشكلتسلسلي أو مرقم إلا أنه تحدث عن أهمها تحت عناوين فرعية صغيرة هي أقرب للحديثالودود مع القارئ من فرض الشروط وتقديم النصائح المباشرة وترسيم القواعدالصارمة.. وكان نبراس المؤلف في هذا الكتاب القرآن الكريم والحديث الشريف ثم ماورد في تراثنا الثري مع الاستفادة من كل العقول النيّرة وخاصة (ديل كارنيجي) الذيهو من أفضل الكتَّاب في مجال العلاقات الإنسانية بشكل عام.. وكثير من شباب اليوم يجهلون ديل كارنيجي ولا يكادون يعرفون كتبه عنفن التعامل مع الناس وعن محاربة القلق وأفضل السبل لحل المشكلات، مع أن تلك الكتبلكارنيجي كانت منتشرة بين شباب الأمس بشكل كبير.. وأفادت الكثيرين لما يتميز بهكارنيجي من أسلوب واقعي مقنع مدعم بالحقائق وبالحوادث وبالقصص الممتعةوالأمثال، وإنني أدعو شبابنا إلى قراءة كتب (ديل كارنيجي) فهي مفيدة اجتماعياًبشكل كبير، وقد ألف الشيخ محمد الغزالي - رحمه الله - كتاباً جميلاً بعنوان (جدِّدحياتك) ناقش فيه أكثر أفكار ديل كارنيجي ودعواته للتعامل الاجتماعي الراقي ولحسن مواجهة المصاعب والمشكلات، واستطاع الشيخ الغزالي إعادة أحسن ما كتب كارنيجي إلىتراثنا العريق الذي سبقه إلى ذلك، ومع هذا تظل قراءة كتب كارنيجي مباشرة نافعة بإذنالله، لأن للرجل أسلوباً متميزاً يقنع العقل والوجدان. ***** وعودة إلى كتاب (كيف تحاور: دليل عملي للحوار) للدكتور طارق بن علي الحبيب، وهو طبيب نفسي معروف وقد نفعه تخصصه في معالجة مثل هذا الموضوع الهاموالحساس، فإنه يقدم آداب الحوار بشكل ودود كأنما يتجاذب الحديث مع القارئ، وأول تلكالآداب الإخلاص لله عز وجل في المحاورة وجعل طلب الحق هدفاً.. يقول مثلاً: "... المسلم الصادق ينشد الحقيقة ويفر من الخديعة،همُّهُ بلوغُ الحق سواء على يده أو على يد محاوره، فالحكمة ضالته، حتى ان امرأة ردتعلى عمر - رضي الله عنه - حول تحديد المهور وهو في خطبته على ملأ من الناس، فقال: أصابت امرأة وأخطأ عمر".. فالخطأ وارد من كل إنسان (كل ابن آدم خطاء وخير الخطائينالتوابون) كما يقول الرسول صلى الله عليه وسلم. ويستشهد المؤلف بقول الإمام الغزالي "أبي حامد" (أن يكون - أيالمحاور - في طلب الحق كناشد ضالة، لا يُفَرِّق بين أن تظهر الضالة على يده أو علىيد من يعاونه، ويرى رفيقَهُ مُعينا لا خصيماً، ويشكره إذا عَرَّفَهُ الخطأ وأظهرلهالحق" كتاب إحياء علوم الدين 42/1. ***** والعاقل يعرف أن الخلاف طبيعة بشرية، لاختلاف ظروف الناس وطبائعهم وثقافاتهم وقناعاتهم وعواطفهم وميولهم، وقد شرح ذلك مؤلف الكتاب ص 13بشكل جيد. قلت: ومجرد اليقين بأن الخلاف طبيعة بشرية يجعل الإنسان - إذا حاور - أكثر هدوءاً وصبراً وتفهماً لوجهة نظر محاوره واحترامه والحرص على إظهار الحق أمامهبدون عنف أو ضيق صدر بل بالتي هي أحسن مصطحباً الابتسامة والكلام الطيب وبشاشةالوجه. بنيَّ إنَّ البرَّ شيءٌ هيِّن وَجهٌ طليق وكلامٌ ليِّن ***** ويدعو المؤلف إلى حسن البيان من غير تعقيد ولا تشدق بل بإيجاز واضحوحبذا الاستشهاد بالمثل والشعر لتجلية المعنى.. وكذلك التوقيت المناسب لاختيار الحديث وبدء الحوار حسب ظروف المجلسوالناس والوقت . ويرى المؤلف أن حسن الاستماع من آداب الحوار، ولاشك في هذا، فالذييحسن الكلام ولا يحسن الاستماع بمقته الناس وينفرون من كلامه واستئثاره بالحديث . كما أن الصبر عنصر جوهري في انجاح الحوار، ومن الصبر عدم مقاطعةالمتحدث بهدف اسكاته وقطع حديثه والاستيلاء على الحديث فإن في هذا نزقا وأنانيةوحماقة. ويرى المؤلف أن يبدأ الإنسان بنقاط الاتفاق مع محاوره ليكسبه منذالبدء، وليحصر نقاط الخلاف فيسهل الحديث عنها بهدوء وتركيز وإيجاز جاعلاً الحق هوالهدف لا الغلبة.. (افهم من أمامك) كما يقول المؤلف : إذا فهمت من أمامك بشكل جيداستطعت الوصول إليه ومعرفة كيف تحدثه وتقنعه. وقد ورد "خاطبوا الناس على قدر عقولهم". والمودة في الحديث تظهر إذا كان المحاور سليم القلب يستهدف الحق لاالغلبة ومن علامات المودة الرفق والابتسام ومناداة المحاور بأحب أسمائه إليه وحسنالإنصات إليه والبعد عن الغرور والعجب. تدعيم الرأي بالبرهان والدليل فإن الرد من غير دليل بمنزلة هدم العلمبالشك المجرد.. ويشترط للدليل صحته وليبدأ في عرض أدلته بالأقوى فالقوي، دون التحكمبالدليل حسب الهوى فذلك شأن المبطلين ودأب المضلين قال الله عز وجل: "أفكلما جاءكمرسول بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم ففريقاً كذَّبتم وفريقاً تقتلون" سورة البقرةالآية 87. ويرى المؤلف أن (الحيدة) وهي الجواب عن غير سؤال السائل هي حيلةالضعيف والعاجز، ويقول (ومن الحيدة التوسل بالعاطفة بدلاً من أن يُقَدِّم أساساًمعقولاً لرفض اقتراح أو فكرة، وكثيراً ما يولع أمثال هذا الشخص بالإشارة - في معرض النقاش حول قضية ما - إلى اعتبارهم الذاتي ومؤهلاتهم الحقيقية أو المزعومة - للخوضفي غمار الحوار بدلاً من أن يقدموا حقائق أو حججاً صريحة ويتركوها هي تتكلم عننفسها. وإن قلتُ ما قلتُ في ذم الحيدة وزيادة، فإنها تظل الحيلة المستطابةوالمنفذ الآمن من احراجات زوجته!!) . الأمانة في عرض الأدلة وفي مناقشة ما قاله الطرف الآخر دون تحريفلكلامه أو عرضه مقطوعاً مبتوراً. ومن قلة الأمانة لي أعناق النصوص وتحميل كلام منقول ما لا يحتمل. احترام الطرف الآخر حتى وإن أخطأ.. وشرط للحوار الناجح أن يجري المتحاوران حوارهما على عُرءفٍ واحد، فإنكان الحوار على عرف الفقهاء فلا يلجأ الطرف الثاني إلى عرف النحاة والفلاسفة ونحوذلك.. ومن الخطأ أيضاً أن يتكلم أحد الطرفين بلغة الواقع عن مشكلة اجتماعية ينشدلها الحل فيجيبه الآخر بلغة مثالية مجردة عن أرض الواقع.. والغريب في مثل هؤلاء أنك إذا حاورتهم بنفس المثالية التي يفكرون بهاوبلغت الفكرة حد التطبيق اعتذروا عن عدم جدواها لأنها لا تتناسب مع أرض الواقع!! فأولئك قوم يغلب عليهم هواية التنظير والسفسطة مع قلة في العمل والفائدة" . ****كتاب (كيف تحاور ) للدكتور طارق بن على الحبيب |
رد: آداب الحوار
موضوع رائع شكرا أخى " المنجي "
|
رد: آداب الحوار
بسم الله الرحمان الرحيم السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته أخي النجــــــــي هذه المشكلة من اهم المشاكل التي تتواجد في أي حوار .. بل قد تجد أن الكل يتحدث ولا أحد يستمع للآخر !! طرح قيم جدا وهادف .. كل الشكر والتقدير .. http://3.bp.blogspot.com/_cEZQCVlZSL...1272824314.jpg http://4.bp.blogspot.com/_GEfZuCUWJ-...ongue_tied.jpg http://mak3000.com/wp-content/upload...1241604535.jpg <!-- google_ad_section_end --> |
رد: آداب الحوار
اشكرك اخي زامير على المرور
http://store3.up-00.com/Mar12/wDt83014.gif |
رد: آداب الحوار
اشكرك اخي h20على المرور
http://store3.up-00.com/Mar12/wDt83014.gif |
|
الساعة الآن 07:59 PM. |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. Designed & TranZ By faceextra