هل ثبت أن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام حجوا البيت كلهم ؟
اختلف العلماء في هذه المسألة ، فقيل : حج الأنبياء كلهم عليهم الصلاة والسلام البيت ، من لدن آدم حتى محمد صلى الله عليه وسلم . قال أبو المعالي الجويني رحمه الله في "نهاية المطلب" (4/ 125): " قيل: " أول من حج البيت آدم عليه السلام " ، وقيل : " ما من نبي إلا وقد حج هذا البيت " انتهى . وقال ابن حجر الهيتمي رحمه الله في " الفتاوى الفقهية " (2/ 120) : " مَا مِنْ نَبِيٍّ إلَّا حَجَّ الْبَيْتَ ، خِلَافًا لِمَنْ اسْتَثْنَى هُودًا وَصَالِحًا " انتهى . وقال ابن علان رحمه الله : " وقال ابن إسحاق: لم يبعث الله نبياً بعد إبراهيم إلا حج ، والذي صرح به غيره أن ما من نبي إلا حج " انتهى من "دليل الفالحين" (7/ 71) . وعَنِ ابْنِ أَبِي لَبِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ- أَوْ غَيْرِهِ - قَالَ: " حَجَّ آدَمُ فَلَقِيَتْهُ الْمَلَائِكَةُ فَقَالُوا برَّ نُسُكُكَ يَا آدَمُ " . "البداية والنهاية" (2/ 299) . - وقيل : حج البيت كل الأنبياء إلا صالحا وهودا عليهما السلام . فقال ابن إسحاق في "السيرة" (ص 95) : حدثني ثقة من أهل المدينة عن عروة بن الزبير أنه قال : " ما من نبي إلا وقد حج البيت، إلا ما كان من هود وصالح ، ولقد حجه نوح ، فلما كان من الأرض ما كان من الغرق أصاب البيت ما أصاب الأرض ، فكان البيت ربوة حمراء ، فبعث الله تعالى هوداً ، فتشاغل بأمر قومه ، حتى قبضه الله عز وجل إليه ، فلم يحجه حتى مات ، ثم بعث الله تعالى صالحاً فتشاغل بأمر قومه ، فلم يحجه حتى مات ، فلما بوأه الله عز وجل لإبراهيم حجه ، ثم لم يبق نبي إلا حجه ". ورواه البيهقي (5/ 288) عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ مختصرا قَالَ: " مَا مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا وَقَدْ حَجَّ الْبَيْتَ إِلَّا مَا كَانَ مِنْ هُودٍ , وَصَالِحٍ " . قال ابن كثير رحمه الله : " وَقَدْ قَدَّمْنَا حَجَّهُمَا إِلَيْهِ ، وَالْمَقْصُودُ الْحَجُّ إِلَى مَحَلِّهِ وَبُقْعَتِهِ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ بِنَاءٌ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ " انتهى من "البداية والنهاية" (2/ 299) . - وقيل : حج البيت من الأنبياء خمسة وسبعون نبيا . فعن مجاهد قال : " حج خمسة وسبعون نبيا كلهم قد طاف بالبيت " . انتهى من أخبار "أخبار مكة" للأزرقي (1 /45) . - وقيل : حج البيت كل نبي بعد خليل الله إبراهيم عليه السلام . قال الأزرقي رحمه الله في "أخبار مكة" (1/43) : " ذكر حج إبراهيم عليه السلام وأذانه بالحج وحج الأنبياء بعده ، وطوافه وطواف الأنبياء بعده " ثم ذكر عن ابن إسحاق قال : " كان إبراهيم عليه السلام يحجه كل سنة على البراق ، قال : وحجت بعد ذلك الأنبياء والأمم " . وأمثل هذه الروايات من حيث الإسناد : ما ورد أن البيت قد حجه سبعون نبيا : روى الطبراني في "المعجم الكبير" (12283) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( صَلَّى فِي مَسْجِدِ الْخَيْفِ سَبْعُونَ نَبِيًّا ، مِنْهُمْ مُوسَى ، كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ وَعَلَيْهِ عباءتانِ قَطْوانِيَّتانِ ، وَهُوَ مُحْرِمٌ عَلَى بَعِيرٍ مِنْ إِبِلِ شَنُوءةَ ، مَخْطُومٍ بِخِطَامِ لِيفٍ لَهُ ضَفْرَانِ ) . وحسنه الألباني في "صحيح الترغيب" (1127) . وَعَن أبي مُوسَى رَضِي الله عَنهُ قَالَ : قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم : ( لقد مر بِالرَّوْحَاءِ سَبْعُونَ نَبيا فيهم نَبِي الله مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام ، حُفَاة عَلَيْهِم العباء ، يؤمُّونَ بَيت الله الْعَتِيق ) . قال المنذري رحمه الله : " رَوَاهُ أَبُو يعلى وَالطَّبَرَانِيّ وَلَا بَأْس بِإِسْنَادِهِ فِي المتابعات ، وَرَوَاهُ أَبُو يعلى أَيْضا من حَدِيث أنس بن مَالك " انتهى من "الترغيب والترهيب" (2/ 118) . وقال محمد بن إسحاق : حدثني من لا أتهم عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه أنه قال: " لقد سلك فج الروحاء سبعون نبيًّا حجاجًا " . انتهى من "أخبار مكة" للأزرقي (1 /49) . وروى أحمد في " الزهد " (ص34) عن مجاهد قال : " حج البيت سبعون نبيا منهم موسى بن عمران عليه السلام " . ولا يمنع صحة الرواية بهذا العدد ، أن يكون قد حج غيرهم ؛ كل ما في الأمر أن ما فوق ذلك لم يرد في حديث صحيح مرفوع فيما علمنا ، فنقتصر على ما جاءت به السنة الصحيحة ، وما عدا ذلك لا نثبته ولا ننفيه ، وليس في العلم به كبير فائدة تُرجى ، وعلى المسلم إن كان قد حج أن يحمد الله ، وإن لم يكن حج فليسع في حجه وليسأل الله أن ييسره له . ثانيا : ثبت أن عيسى عليه السلام ينزل آخر الزمان ، وأنه يهل بالحج أو العمرة أو بهما معا . فروى مسلم (1252) عن أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَيُهِلَّنَّ ابْنُ مَرْيَمَ بِفَجِّ الرَّوْحَاءِ ، حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا، أَوْ لَيَثْنِيَنَّهُمَا) . ورواه ابن حبان (6820) وبوب له : " ذكر الإخبار بأن عيسى بن مَرْيَمَ يَحُجُّ الْبَيْتَ الْعَتِيقَ بَعْدَ قَتْلِهِ الدَّجَّالَ " . ومعنى ( ليهلن ) : أي : ليلبين بالحج أو بالعمرة أو بهما معا ، و( فج الروحاء ) : مكان بين مكة والمدينة . قال النووي رحمه الله : " وَهَذَا يَكُون بَعْد نُزُول عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام مِنْ السَّمَاء فِي آخِر الزَّمَان " انتهى . والله أعلم . م/ن |
رد: هل ثبت أن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام حجوا البيت كلهم ؟
|
رد: هل ثبت أن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام حجوا البيت كلهم ؟
اقتباس:
|
رد: هل ثبت أن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام حجوا البيت كلهم ؟
شكرا على الموضوع المفيد
جزاك الله خيرا |
رد: هل ثبت أن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام حجوا البيت كلهم ؟
اقتباس:
|
الساعة الآن 06:15 PM. |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. Designed & TranZ By faceextra